حكاية الموظف سين
يكتبها : هدي الجهوري
الموظف سين يعمل في إحدى الدوائر الحكومية، ويسعى دائما لأن يكون مخلصا ومتفانيا في العمل وهو شاب طموح يحاول أن يقدم نفسه كنموذج متميز في العمل، ولصاحبنا الموظف سين زميل آخر يعمل معه في نفس المكتب .. دعنا نقول انه الموظف عين وهو على النقيض تماما يميل إلى قضاء ساعات العمل في الأحاديث المجانية، والتنقل من مكتب إلى آخر، لتبادل «السوالف عن فلان وعلان» كما أنه أضاف مؤخرا إلى قائمة أحاديثه الكلام عن الأسعار والاسمنت والعيش.
رئيس العمل يعرف جيدا أن الموظف سين ينجز مهماته على أكمل وجه لذا كان يثقل عليه بالالتزامات اليومية، وينأى عن الموظف عين لأنه لا يتقن أداء المهمات الموكلة إليه ... عندما يفرح المسؤول كان فرحه يعم على الجميع، وعندما يستشيط غضبا كان غضبه يقع على الموظف سين الذي يبتلع ريقه على مضض.
ذات يوم سأل الموظف سين مسؤوله: لماذا لا تفعل شيئا إزاء كسل زميلي المتفاقم ؟ فربت المسؤول على كتفه قائلا: دعك منه، صدقني سيبقى في مكانه للأبد، بينما أنت سترتقي وستتطور، وسيصبح لك مستقبل باهر، قفز قلب الموظف سين من مكانه من شدة الفرح، وحلق عاليا بتلك الكلمات الجميلة.
ولكن المفاجأة غير السارة أنه وفي نهاية السنة حصل الموظف سين، والموظف عين على ذات المكافأة ، وبعد عدة سنوات من عمل سين، وكسل عين حصلا معا على ذات الترقية، وكلما جاءت فرصة للسفر للخارج كانت تذهب لصالح الموظف عين، وعندما كانت الأسئلة ترن في رأس سين كانت الإجابة تصله وشيكة من المسؤول: لا تقلق ... إنها محاولة لطرد كسل الموظف عين وخموله..
يذهب عين ولا يعود إلا بالحكايات والصور والهدايا، يأتي فارغا تماما، دون أن ينجز أي شيء لصالح العمل، وجراء ذلك لا يحصل سوى على بضع إنذارات سرعان ما تذهب أدراج الرياح، فالإنذارات لا تخيفه لأنها لا تطال راتبه الشهري، وترقياته.
كلما حاول الموظف سين أن يشذ عن القاعدة العامة وأن يبدو مختلفا ومحبا لعمله ومتفانيا في رغبته بتغيير السائد كلما صدم بالنماذج الأخرى التي تشكل ربما الأغلبية والتي لا يعني لها العمل أكثر من وسيلة للعيش.لفترة ليست بالبعيدة كان الموظف سين النكتة التي يعلكها الجميع، ففي الوقت الذي كانت طموحاته تكبر كان لا يناله أكثر من الدوران في منطقة الصفر، بينما الآخرون كانوا يصعدون السلم الوظيفي بسرعة، بعد عدة سنوات لم يعد باستطاعة أحد منا أن يميز الموظف سين لأنه اختلط مع الآخرين وتشابه معهم، وركل مثاليته وإخلاصه في أول سلة مهملات صادفها.
Source: Oman Daily News Date: 21-May-2008
No comments:
Post a Comment